السكران بي كي PK

(بي كي ) فيلم هندي يستحق المشاهدة ويدعو للتفكر بنقطة مهمة جداً ملخصها:  بأي رب أو إله  يجب أن نؤمن ثم يتحول ليقرر أن الإله واحد لكن كيف نؤمن بهذا الإله الواحد على أي دين أو مذهب؟ هو ينقد عملياً بطريقة كوميدية غير مستفزة رجال الدين الدجالين ويختار الهند كمكان جغرافي ووقتنا الحالي كزمان. اختيار الهند مكاناً للأحداث مناسب جداً ذلك أن الهند تمتلك تنوعاً كبيراً يحوي كل الأديان. طبعاً ككل الأفلام لا بد من قصة حب love story تجمع جاغو الهندية الهندوسية بطلة الفلم مع شاب باكستاني مسلم في بلجيكا. الحب يصطدم بالدين بسببب تحذير رجل الدين لجاغو من أن متبع الدين الآخر كاذب خداع سيتلاعب بمشاعرها ويهرب قبل أن يتزوجها. تقرر جاغو أن تختبر صدق النبوءة بأن تطلب من حبيبها تثبيت الزواج  المدني في بلجيكا. لا يحضر الحبيب وتصدق النبوءة فتعود البطلة إلى الهند لتعمل صحفية.

في نفس الزمان وفي الهند يأخذنا كائن فضائي لكنه بنفس تكوين البشر أتى من الفضاء عارياً إشارة للطفل يوم ولادته في رحلة هي جوهر الفلم .. أول شئ يحدث له هو التعرض للسرقة من بشري .. يسرق منه جهاز التحكم الذي يشبه حجراً نفيساً ونادراً يعلقه الفضائي في رقبته. هذا الحجر هو الذي سيستعمله لاستدعاء المركبة الفضائية حين يود العودة. هو لا يملك اللغة لأن الناس في كوكبه يتواصلون بمسك الأيدي ونقل الأفكار.  لذلك يتوه ويغوص فى هذا العالم الغريب محاولاً إعطاء تفسيرات للظواهر التي يراها بطريقة طفولية ظاهرياً لكنها عميقة تدعو للتفكر في الحقيقة. مثلاً تفسيره لكذب رجال الدين الذين يدعون صلة بالإله هو أنهم يتصلون برقم خاطئ. سلوكه وأسئلته الغريبة جعلت الناس يطلقون عليه  (بي كي) أي (سكران) ليصبح اسمه حيث لا أسماء في كوكبه.
ينجح الفضائي بأن يتعلم اللغة أخيراً بأن يمسك يدي بائعة هوى. ليبدأ في السؤال عن جهازه. بعد طول بحث يسافر للعاصمة ليخبره الجميع أن ليس أمامك سوى الإله ليدلك. وهنا يبدأ البحث عن الإله. ولأنه في الهند فالآلهة والأديان كثيرة فأي إله هو من سيعيد له حجره أو جهاز تحكمه. ينتقل من معبد لمعبد ومن كنيسة لجامع ثم يلتقي بجاغو صدفة. بعد أن تصدق قصته تساعده في كشف زيف رجل الدين الذي اشترى جهازه ليقدمه لمتبعيه على أنه حجر من صخرة الإله. للصدفة هو نفس رجل الدين الذي تنبأ أن صديقها لن يأت. وتكتشف لاحقاً أن حبيبها أتى والنبوءة خاطئة لكنها لم تدقق في خطأ ما حصل بسبب الاستعداد النفسي الذي بثه رجل الدين. لا يمكن تلخيص  فلم طويل مدته ساعتان ونصف لكن سأحاول أن أطرح بعض المواقف والاقتباسات التي أعجبتني:

- الدين لا يمكن أن يرتبط بالمظهر واللباس بل هو في القلب وليس هناك أي ختم يظهر على جسد المرء ليحدد دينه.

- رقم خاطئ: الاتصال بين رجال الدين والرب تبعث للإله بطريقه خاطئة بسبب فساد شبكة الاتصال الأرضي لذلك من يرد عليهم لا شك وأنه يمازحهم فيطلب منهم أشياء مضحكة.

- كلنا عيال الله أليس كذلك؟ هل يمكن لأي أب أن يطلب من أولاده القيام بأشياء غريبة كزيارة معابد أو أماكن تبعد آلاف الأميال ليستجيبب لطلباتهم؟ هل يمكن أن يطلب منهم أن يتدحرجوا على الأرض ليحقق آمالهم؟ التعليمات تأت من رقم خاطئ.

- أظهر الفلم مجموعة من الشعائر والممارسات بهدف التساؤل عن مدى جدواها ومصداقيتها وحاول التطرق لجميع الأديان منها: هل بائع الآلهة (الأصنام) صنع الإله أم الإله صنعنا جميعاً؟ لماذا نصنع الأصنام طالما يمكن التخاطب مع الرب مباشرة؟ تقديم الطعام والمال للرب وكأنها أجرة للقيام بالعمل، الاله صُلب و "مات" بسببك، التعميد وتقديم النبيذ، الانغماس في نهر الغانج، سكب الحليب على الأصنام، تقديم الأعطيات لقبور الأولياء وتعظيمها، السجود للأصنام والتبرك ببعض التوابل أو الأتربة أو الألوان والأ ربطة والبخور، الحماية وتجنب الضرب أو الأذى بوضع صور وتماثيل الآلهة، التواضع بمسح الأحذية، اللطم وجلد وتعذيب الذات، قطع مسافات شاسعة لزيارة أماكن مقدسة، التدحرج على الأرض والمشي على الركب، الارهاب لحماية الاله...

- إذا ذهبت الاتصالات إلى الرقم الصحيح وأجاب عليها الإله الحقيقي ماذا سيقول؟ سيقول هناك مئات الملايين من الأطفال الجائعين ينامون على الطرقات يجب عليك إعطاؤهم الحليب لماذا تعطيني إياه؟

- الخوف هو سلاحهم في هذه اللعبة، صاحب الرقم الخاطئ لم يمزح معنا فقط لكن حاول إخافتنا واستغلاله لمصلحته... ولإثبات الأمر ذهب بي كي أمام الجامعة حيث الطلاب خائفون من الامتحان وصنع مشروعاً مكوناً من حجر وصباغ أحمر وبعض المال أمامه. انتظر 15 دقيقة  لربح ضعف رأس المال.  فوراً بدأ الطلاب بوضع المال وسجد أحدهم. كان هناك رجل يبيع الشاي رأس ماله عالٍ مقارنة برأس مال بي كي فهو يحتاج شاي وسكر وماء وأكواب. يجب عليه الدعاية والمنادة على الزبائن لكن في مشروع بي كي الزبائن يأتون وحدهم. بائع الشاي ينحني ويشكر الزبائن لكن مشروع بي كي الزبائن هم من ينحنون. صاحب الرقم الخاطئ يقوم بتجارة .. تجارة الخوف

- كيف يكون هناك عالم بلا إله؟ هل أنت يائس لدرجة تجرح مشاعر الناس؟ بعض الناس لا يملكون خبزاً أو مأوى، هل تعلم كم عدد المنتحرين يومياً لأنهم فاقدون للأمل. الإله يعط الأمل فمن أنت لتنزع هذا الأمل؟ في حال أردت نزع الإله من حياة الناس ماذا ستضع مكانه؟ دائماً تقول رقم خاطئ رقم خاطئ أخبرنا بالرقم الصحيح ...

- أنا أتفق معك. الإيمان بالإله يجلب الأمل للناس، يساعدهم على تخطي المصاعب ويعطي القوة والشجاعة. لكن عندي سؤال أي إله بين الإلهين يجب أن نؤمن به؟ جميع رجال الدين يقولون ان هناك اله واحد فقط .. ولكن بي كي يقول أن هناك إثنان ، الإله الأول هو الذي خلقنا جميعاً فيجب أن نضع إيماننا وثقتنا فيه.. والإله الثانى أنتم من خلقتموه (رجال الدين) أو بالأحرى إخترعتموه لذلك فهو يشبهكم: هو كاذب، مدع لكنه لا يعمل أي شيء، يعطي وعوداً كاذبة، يقابل الأغنياء أسرع من الفقراء، يهمل  الفقراء، يفرح عندما يُمدح والناس تخافه حتى أنهم لا يجرؤون على التلفظ بأي كلمة.

- رقمي الصحيح واضح جداً: الاله الذي خلقنا جميعاً ضعوا ثقتكم وإيمانكم فيه، الاله الذي صنعتموه الاله المزيف دمروه.

- الاله الذي خلق الكواكب وملايين الكائنات لا يحتاج رجل دين صغير مثلك ليحميه، الله لا يحتاج حمايتك فهو قادر على حماية نفسه.

- فكرة الفلم لا تنقض الإيمان ولا تدعو للالحاد بل يركز أن الايمان بالغيبيات هو جوهر الايمان ويظهر ذلك بطرق بصرية مثلاً كان مشهد المطعم حين برهن بي كي قدرته على قراءة الأفكار بلمس اليد تجسيدا للفكرة وتصويرا للحظة ايمان جاغو بصدق قصة الفضائي كاملة.

- عندما نجح بي كي في النهاية أن يتجه عائداً لموطنه لم ينظر للخلف مرة واحده  فقد أراد إخفاء دموعه وحبه لجاغو لقد تعلم مننا كيف يكذب وعلمها معنى الحب: أن تحب لدرجة أن تترك حبيبك ليسعد مع غيرك.

- في أخر الفلم يعود مع أناس آخرين من كوكبه لإتمام الدراسة حول هذا الكوكب فيقول لرفقائه قبل أن يهبطوا على الأرض - تذكروا ماذا قلت لكم عن كوكب الأرض أربع نقاط:

 1- المشي عارياً ممنوع، التقبيل والحب والمشاعر يفعله الناس فى السر وراء الأبواب المغلقة أما الأشياء السيئة فيمكن أن يفعلونها علانية.
2- اللغة أكثر شيء محير فليس ما يقال هو المعني بحذافيره بل هناك معنى خفي يجب أن نفكر فيه.
3- يمكن الحصول على الملابس والمال من السيارات الراقصة. أخف جهاز التحكم الخاص بك في ملابسك الداخلية كي لا يسرقه أحد.
4- النقطة الأهم: إذا قابلت أحداً يقول أنه يستطيع الاتصال بالرب لا تفكر فقط استدر واجر بكل سرعتك.